(حديث قاعد و السنوار)..قصيدة جديدة من شعر خالد كامل
نظم الكاتب الصحفي الشاعر خالد كامل قصيدة جديدة بعنوان:
حديث قاعد و السنوار :
تحدث فيها عن مناقشة تخيلية بين شخص عربي قاعد غير مجاهد و بين الشهيد البطل يحيى بن إبراهيم السنوار ..
و هذا القاعد لا يقاوم العدو الصهيوني الغاصب المحتل مثلما يفعل أبطال المقاومة الفلسطينية واللبنانية البواسل في ميادين المعركة و ساحات القتال و دروب الوغى، بقيادة البطل أبو إبراهيم الشهيد يحيى السنوار..
و كان الحديث بين وجهتي نظر، القاعد يتعلل بقلة العدة و العتاد و النصرة، و يكتفي بالدعاء و البكاء و النحيب، بينما السنوار كما يعلم القاصي والداني مقاوم مجاهد بذل جهده على قدر الطاقة و المتاح حتى استشهد، و الحقيقة هي أن السنوار هو الذي بكى لحالنا مما جعل القاعد يبكي و يعلم أنه غير محق، لكنه في الوقت نفسه غير متاح له غير الذي هو فيه بفعل الحدود و قواعد الحكومات العربية الحديثة في إدارة شئون الحكم في الدول المدنية..
لكن القاعد لم يخلف يمينه أيضاً و هو على العهد، لكنه الظرف السياسي الراهن المجبور عليه
فإلى نص القصيدة:
لا أنتَ أخلفتَ اليمين و لا انحنَىَ
كان الملاذُ إمامَنا و تراثَـنا
فلنحتسبْ متعاهدَين لأننا
متخالفانِ تسابقا و تراهنا
و انعتْ وتيرتَنا جهاداً كاذباً
واتركْ كِلَيْنَا كي يعودَ بما جنى
لا تحسبْ القلبينِ قد تَعانَقَا
خَصمانِ سفكا دمائكَ و دمائَنا
أو تطلبْ الوجدَيْنِ مِنَا فجأةً..
حتى أنالَ بِذَا مُقاماً هَيِنَا
فلنلتحفْ متهادنينِ ربما
و لتستُري أياميِ منا حُلمَنا
لا تسرقي وقتَيَّ إنَّ رصاصةً
ستطيشُ مِنْ صَوبِي تفجِرُ رأسَنا
أو تسحبي الزنادَ مني عَنْوَةً..
حتى أحوزَ بها مماتاً لَيِّنَا.
كنا على أملِ اللقاءِ و صوتُنا..
سنوارُ دقَّ بِذيِ البنادقِ جُبْنَنَا.
و الجُبْنُ أسرعَ في التوددِ فالتَقَىَ..
كُلَ الأعادي كي تعودَ لِحُكْمِنَا.
لكنَّ يحيىَ كالشواطىءِ محكما..
خَلفِي و خَلفَكَ كالسيولِ نحونا.
خلفي و خلفَك ما يُنَشِّطُ ذِهننَا
فإذا فررتُ هناك قالَ ارجعْ هُنَا.
تلك الخنازيرُ التي أسكنتُها..
أرضي..تخافُ منهُ هَدْمَ المَسْكنَا.
إني أقمتُ على السكوتِ نوائحي..
صمتاً..فَبَكيْتُها و بكيْتُنِي و بكَيْنَنَا.
و بكيتُ عصرَ الفاتحينَ كُلمَا..
ألفيتُ نَفْسيَ في النعيمِ مُسَكَّنَاً.
حاولتُ حبسَ دموعيَ تلكَ التي..
فَرْتْ، كأنَّ السجنَ ألا تُسْجنَا.
لكنَّ عُرْبِيَ قد أذاعوا طعنةً..
خلفَ الإدانةِ كي ندمرَ ما بَنَى.
نأتي بها بعد الفراقِ لعلّهَا..
تبني على أثرِ العهودِ مَوْطِنَا.
الأرضُ أرضي و الخَلاصُ حقُهَا..
فَبِمَنْ تعوذُ إذا أرادتْ مَأْمَنا؟!
إنَّ الشهادةَ عُهدةٌ لا تنتهي..
أرأيتَ عهداً كالأُخُوَّةِ عندنا؟!
أرأيتَ داءً قد يكون دواؤهُ..
مُراً يعيشُ مريضُهُ مُزمِنَا؟!
الآن طاولةُ الكلامِ غريبةٌ غربيةٌ..
و الشعبُ يوشكُ أنْ يموتَ و يُدفَنَا.
تلك المسافةُ بيننا سُحُبُ السمَا..
هذا المجاهدُ نحو عالمِهِ دَنَا.
أما القواعدُ كالنساءِ ما لهُمْ..
في الزِيجِ هَـمٌّ بين أحضانِ الغِنَا.
و الحرُ يبقى في الورى حراً..
طليقاً لا يعيشُ مُلَوَّنَا.
لا الشاطئانِ عليهما نوعٌ و لا..
بالحقِ جَمْعٌ إنْ ترددَ و انْزَوَىَ.
و المَجْدُ أثمرَ في القلوبِ فاحتوى..
خوفَ الأشاوسِ كالعمادِ ما انثنَى.
ستَمُرُ ألحانُ الجهادِ على الزمنْ..
فخراً.. كَكـُـلْمٍ قد أحبَ الطاعِنا.
فلنفترقْ سنوارُ يوماً إننا..
متنازلانِ تَحَاربا و تَهَادَنا.
فلا أنتَ أخلفتَ اليمينَ و لا أنا..
حتى نُوَارَىَ في المقابر وحدَنَا.