استحالة أن تكون إيران متواطئة في مقتل الزعيم و المجاهد الفلسطيني الشهيد إسماعيل هنية، واستحالة أن تكون إيران والكيان في خندق واحد، فكلاهما ذو أطماع، وكلاهما لديه مشروع هيمنة، وكلاهما مشروع توسعي يجب أن يحذر منه العرب، فيستعدون لمواجهة الكيان، لكنهم يلعبون سياسة وثقافة مع إيران
ومعروف أننا كعرب أصحاب مدرسة أخلاقية في السياسية الخارجية، وربما يرانا البعض أننا أخيب بلاد الله في السياسة، لأن السياسة الخارجية بلا أخلاق في ظل نظام عالمي قائم على البطش والظلم
وربما هذا الذي جعلنا نعادي إيران ونستبدل فشلنا السياسي بإيقاظ الخلل العقائدي، ولا ننسى أن ممارستنا نحن للإسلام ذوي أوجه خلل أيضا، فداعش منا، والقاعدة منا، والجهاد منا، والإخوان منا، والجماعة الإسلامية منا، والفرق المتناحرة التي تسمي نفسها سلفية منا، والتكفير والهجرة منا، والتوقف والتبين منا، والصوفية بزهدها ومظاهر شركها منا..الخ
ومن المستحيل أن تتقاطع إيران والكيان في منطقة واحدة أو مصلحة واحدة، لولا الكيان لتوسعت إيران وأصبحت أقوى نوويا واقتصاديا من ربع قرن، ومعروف أن الكيان هو الذي يدير العقوبات والسياسة الغربية عموما ضد إيران
فالعدو الأول للكيان هو إيران، والعدو الأول لإيران هو الكيان، مصر والعالم العربي ليس لديهم أي مشروع توسعي، أقصى أمانيهم أن يعيشوا مع الكيان بسلام، مصر والعرب لا يتدخلون في شئون الجيران، أقصى أمانيهم أن يقبل الكيان بحكم ذاتي للفلسطينين، ويكفوا عن مشروع النيل للفرات، أما إيران والكيان فهم أصحاب أطماع وسيعيشون دوما حالة صراع على المنطقة
وليست إيران نموذج قوة بالنسبة لي، ولا نموذج مفضل لي، فيكفي اختراق الموساد لها، وتجنيد عملاء من داخلها لتحديد الأهداف تكنولوجيا وتدميرها من بعد، وهذا آخر ما أعلنته الصنداي تاميز في مقتل واستشهاد اسماعيل هنية، عبوة ناسفة وضعت له في مقر إضافته وتفحيرها من بعد تكنولوجيا في الوقت الذي حدده المجرم
ليست إيران نموذجا اقتصاديا أو ديمقراطيا يرضيني، أو نموذجا سياسيا ودينيا يعجبني، فمصر لديها مقومات غير مستغلة تجعلها أفضل، والعرب مع مصر لديهم مقومات امبراطورية لم تستغل بعد، الإسلام فعلها من قبل في الخلافة الراشدة، والأموية، والعباسية، والعثمانية، وحديثا فعلها محمد علي بمصر وحدها
علينا أن نعي حقيقة الأمر، فلا نترك المجرم الذي قتل، ونصنع لأنفسنا عدوا غيره، وهذا العدو هو في الأصل ربما الداعم العسكري والمعنوي الوحيد حاليا للمقاومة في غزة
علينا ألا نترك الواقعة وننتقل إلى تاريخ الشيعة وخياناتها، ذاك ورقة تاريخية، وهذه واقعة آنية، فخلط الأوراق في السياسة جهل مقصود أو غير مقصود، وربما تمارسه وسائل الإعلام والثقافة أحيانا بخداع وتضليل.
والأكثر أهمية في التحليل السياسي أن السياسة فن التكتيك حتى في ظل استراتيجيات ثابتة بعيدة المدى، وهو الأمر الذي يجعل خلط التاريخ بالحاضر نوعا من الجمود السياسي