أخبارتقارير و تحقيقاتثقافة وفنسلايدرعربي و دوليمصر

ذكرى وفاة قاهر العبيديين و محرر القدس السلطان العربي الأصل الناصر صلاح الدين الأيوبي.. تعرف على تفاصيل هامة

توافق انعقاد القمة العربية الطارئة بشأن فلسطين..

 

قد يكون من قبيل القدر الإلهي أن تحل ذكرى وفاة محرر القدس السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي العربي الأصل و النسب و الجذور، في يوم انعقاد مؤتمر القمة العربية الطارئة في القاهرة بشأن فلسطين و قطاع غزة و رفض التهجير القسري للفلسطينيين و إعادة إعمار غزة، بعد أن دمرتها آليات عسكرية جبارة تابعة لنظام الظلم العالمي و قوى الاستعمار الحديثة بزعامة أمريكا و بوكالة الصهاينة نيابة عنهم..

فهل يمكن أن يخرج العرب من قمتهم تلك المنعقدة اليوم في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر بقرار يحيي هذه الأمة العربية التي نامت و غطت في النوم زهاء ثماني عقود، لتعود في يوم ذكرى وفاة محرر القدس السلطان صلاح الدين الأيوبي إلى إحياء جيل يخرج منه من يحررها مرة أخرى و يرغم أنوف المحتلين و سادتهم؟!!!

تلك القمة العربية التي يعول عليها الشعب العربي بالكامل ملتفا حول شاشات التلفزيون و وسائل الإعلام مترقبا ما تجود به قريحة و شجاعة قادته من قرارات مصيرية لهم و لحياة الأجيال القادمة كلها، هذا ما نرجوه و نأمل فيه، فلننتظر قليلاً لنعرف كثيراً..

 

فإن السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي العربي الأصل فعل أهم شيء في طريق النصر و وحد الأمة الإسلامية أولا و أباد الدولة العبيدية، هُزم أمام الفرنجة أولا، فعاد و حرر القدس، حمى قبر النبي من أن يُسرق جسده الشريف.

في مثل هذا اليوم توفي السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر والشام.

 

وكان ذلك في 27 صفر 589 هجري

 

الموافق في تاريخ 1193/03/04م

الأصل العربي:

 

ينتمي صلاح الدين الأيوبي إلى الأسرة الروادية أي أنه من نسل القائد رواد بن المثنى الأزدي والي أذربيجان في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، وعاشت الأسرة الروادية بين العجم لمئات السنين وذلك بسبب أن العباسيين جعلوها مسؤولة عن حماية وحكم تبريز ومراغة واردبيل، فأدى طول مدة بقاء الرواديين بين العجم لاختلاطهم بالأكراد فسكنوا بينهم وتزوجوا منهم، وهذا ما ذكره ياقوت الحموي والذي كان في زمانه، وكذلك نقل ابن واصل قول الأمراء الأيوبيين: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد و تزوجنا منهم».

 

وبقي الرواديون في تلك المناطق إلى أن أتى السلاجقة والذين أنهوا نفوذهم، فعاد جزء كبير منهم إلى البلاد العربية ومنهم نجم الدين أيوب المولود في مدينة دوين في أذربيجان والذي استقر في تكريت في العراق.

 

ومن المستغرب تمسك المناهج الدراسية برواية ابن الأثير بأن أصله كردي وهي الرواية المرجعية الوحيدة حول هذا الأصل، وفي نفس الوقت يتم تجاهل رواية السيوطي والذهبي والبلاذري وياقوت الحموي وابن العماد وحتى ابن واصل والذي كان قاضي قضاة عند السلاطين الأيوبيين وقد ألف كتابه تحت إشرافهم وفي كتابه ذكروا بشكل واضح بأنهم عرب، والأمراء الأيوبيون أعلم بنسبهم.

 

نشأته

ولد في عام 1138م في مدينة تكريت، حيث كان أباه نجم الدين أيوب حاكما لقلعتها، وانتقل إلى بعلبك حيث أصبح أباه واليًا عليها لمدة سبع سنوات ثم انتقل إلى دمشق، وقضى صلاح الدين طفولته فيها حيث أمضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين زنكي.

 

تولي الحكم وإعادة مصر للتبعية العباسية

 

أصبح نجم الدين أيوب وشقيقه أسد الدين شيركوه من الحاشية المقربة لعماد الدين زنكي سلطان الموصل وحلب ثم إنتقلت تبعيتهم إلى إبنه نور الدين زنكي، وقد قام نور الدين زنكي بإرسال جيش إلى مصر لإنقاذها من الجيوش الفرنجية والبيزنطية التي تسعى لإحتلالها، وكان قائد الجيش أسد الدين شيركوه، والذي استطاع أن ينقذها ويصبح وزيرا لحاكم مصر أنذاك العاضد العبيدي، وبعد وفاة شيركوه عام 1169 م، أصبح إبن أخيه صلاح الدين الأيوبي وزيرا، وقد إستطاع إنهاء الدولة العبيدية عام 1171م وأعادة تبعية مصر للخلافة العباسية.

 

توحيد مصر والشام

وفي عام 1174م توفي نور الدين زنكي وتولى مكانه ولده الملك الصالح اسماعيل ذي الأحد عشر ربيعًا، فكان صبيًا لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك، فأعلن صلاح الدين الأيوبي استقلاله و تأسيسه للدولة الأيوبية وعاصمتها القاهرة، واتخذ الراية الصفراء لتكون راية الدولة الأيوبية ومن المعروف أن الراية الصفراء هي راية قبيلة أزد وجعلها تحت الراية السوداء والتي تمثل الدولة العباسية.

 

ثم زحف بجيوشه باتجاه بلاد الشام و استطاع السيطرة على أغلبها إلى أن وصل لمدينة حلب و حاصرها، فقاومه الزنكيون وحصلت بينهم وبين صلاح الدين معركة قرب نهر العاصي انتصر فيها صلاح الدين الأيوبي، ثم تم عقد الصلح وتم الاعتراف بحكم صلاح الدين الأيوبي على الشام وبقي الزنكيون يحكمون مناطق محدودة ومنها مدينة الموصل وحلب والجزيرة

 

واعترف الخليفة العباسي بحكم صلاح الدين الأيوبي و قلده سيفين بولايتي مصر والشام.

 

الحرب مع الحشاشين

 

ضرب حصارا على جميع قلاع الحشاشين خلال شهر أغسطس من عام 1176م، لكنه لم يتمكن من فتح أي منها، وفي ليلة استيقظ من نومه فوجد في الأعلى رسالة معلقة بخنجر مسموم كُتب فيها تهديد له إن لم يغادر الجبال فسوف يُقتل. عندئذ قرر صلاح الدين الأيوبي أن ينسحب ويعقد صلحا مع الحشاشين.

 

هزيمته في المحاولة الأولى لتحرير فلسطين

 

في عام 1177 م حاول صلاح الدين الأيوبي أن يحرر فلسطين، فاقتحمها من الجنوب، ودخل عسقلان بسهولة، ثم تقدم صلاح الدين نحو الرملة، ولم يجد أي مقاومة، وحينما وصل إلى نهر تل الصافية، تفرق جيشه للبحث عن مكان يصلح للعبور، وبينما هم في هذه الحالة هجمت عليهم قوة فرنجية قبل أن يرتبوا أوضاعهم حيث باغتوهم في الوقت المناسب.

 

وكان يقودهم الأمير الشهير أرناط ويسانده في مهمته بلدوين الرابع ملك بيت المقدس ولم يكن مع صلاح الدين في تلك اللحظة سوى عدد ضئيل من أمرائه وجنده، ثم بدأت المصادمات وتجمع جند صلاح الدين، واشتبكوا مع الفرنجة، وانتهت المعركة بهزيمة صلاح الدين و انسحابه مع عدد قليل إلى مصر.

 

توسيع الدولة

في عام 1182م استطاع أن يضم الجزيرة لدولته وذلك بمساعدة مظفر الدين كوكبري ثم سقطت الرها تلتها سروج ثم الرقة وقرقيسية ونصيبين ثم توجه إلى حلب فلم يقاومه حاكمها الزنكي لفترة طويلة، فعقدت مفاوضات بغرض تبادل الأراضي، على أن يسلّم زنكي حلب إلى صلاح الدين الأيوبي مقابل أن يسلم صلاح الدين سنجار ونصيبين والرقة وسروج لزنكي، وأن تحارب قوات زنكي إلى جانب جيش صلاح الدين، وبحلول يونيو 1183م، أصبحت حلب في يد صلاح الدين الأيوبي.

 

حماية قبر النبي

 

في عام 1183م قام حاكم الكرك الفرنجي أرناط دي شاتيون بإرسال سفنًا من خليج العقبة لمداهمة البلدات والقرى قبالة ساحل البحر الأحمر، وتم التصدي لهم، حيث كانوا ينوون مهاجمة المدينة المنورة ونهب قبر النبي محمد (ص) وظهرت أخبار بأنهم كانوا سينقلون جثمان النبي محمد إلى الأراضي الفرنجية، لجعل المسلمين يحجوا إليها.

 

فتولى حسام الدين لؤلؤ قائد الأسطول المصري أمرهم فهاجمهم وهزمهم ودمر معظم سفنهم، فنزلوا إلى البر محاولين الفرار فهاجمهم وهزمهم شر هزيمة.

 

تحرير القدس.

 

قرر صلاح الدين الأيوبي شن حملة جديدة بهدف تحرير فلسطين من الفرنجة وإستطاع أن يحقق نصرا ساحقا في معركة حطين في 1187/07/04 م، ثم قام بتحرير مدن الساحل إلى أن وصل صلاح الدين الأيوبي إلى القدس يوم الخميس في 11 رجب سنة 583 هـ الموافق في 1187/09/20م، من جهة عين سلوان حتى يكون الماء قريب من جيشه وأمر جنده بمحاصرة المدينة في هيئة دائرية، وصلى المسلمين على الجبل الذي حولها يوم الجمعة، وزحفوا للقتال بعد الصلاة، ولم يكن في المدينة المقدسة قوة كبيرة لحمايتها من الهجوم الأيوبي، حيث لم يزيد عدد الجنود عن 1400 جندي، أما الباقون فكانوا من الفقراء والأهالي الذين لا خبرة لديهم في القتال.

وكان باليان بن بارزان يسكن مدينة القدس ويتولى شؤونها، وقاد القتال في ذلك اليوم وانضم إليه الكهنة والشمامسة، وكان ماهرًا في إدارة القتال وتوجيه المقاتلين أمام قوات صلاح الدين، وكان خوفه الأكبر أن يقتل المسلمون كل مسيحيي القدس عند دخولهم كما فعل الفرنجة عندما احتلوا المدينة عام 1099م، فحث السكان أن يدافعوا عن حياتهم ومقدساتهم حتى الرمق الأخير.

 

بعد ان أصاب باليان اليأس وأدرك حتمية سقوط المدينة، ووصله خبر عفو صلاح الدين عن الأرثوذكس فقط مما أدى إلى انقسام مقاتليه، قام بالتهديد بقتل الرهائن المسلمين، والذين يُقدّر عددهم بأربعة الآف مسلم، وتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة، أي قبة الصخرة والمسجد القبلي، اللذان يُشكلان المسجد الأقصى، إذا لم يعف صلاح الدين عنهم.

فاستشار صلاح الدين الأيوبي مجلسه ووافق على أن يعفو عن الجميع، على أن يتم دفع فدية على كل من فيها مقدارها عشرة دنانير من كل رجل وخمسه دنانير من كل امرأة ودينارين عن كل صبي وكل صبية لم يبلغ سن الرشد.

ثم سمح صلاح الدين بعد أن انقضت المهلة لمن لم يستطع الدفع منهم بالمغادرة دون فدية، وكان دخول صلاح الدين إلى المدينة في ليلة المعراج يوم 27 رجب سنة 583 هـ، الموافق في 1187/10/02 م.

 

وأرسل صلاح الدين الأيوبي رسالة إلى الخليفة العباسي احمد الناصر يبشره بالفتح، وكان الخليفة قد أمده بالدعم المالي والعتاد والجنود الذين أرسلوا من دار الخلافة و أمده بشبكة العيون التابعة للخلافة والتي كان لها دور كبير في جلب المعلومات عن الفرنجة ولها دور كبير أيضا في وقف تأثير الحشاشين المتحالفين مع الفرنجة.

 

الحملة الصليبية الثالثة

 

بعد تحرير القدس حثّ البابا غريغوري الثامن ملوك أوروبا على شن حملة صليبية جديدة لاستعادة بيت المقدس، فانطلقت الحملة الصليبية الثالثة يقودها ريِتشارد الأول «قلب الأسد» ملك إنجلترا، واستطاع أن يسيطر على عكا وقتل فيها 3000 من سكانها، وفي 7 سبتمبر 1191م، اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الفرنجة بقيادة ريتشارد قلب الأسد في معركة أرسوف التي انهزم فيها صلاح الدين.

 

و لجأ الفريقان بعد ذلك إلى الصلح، وعقدت هدنة في 20 شعبان سنة 588 هـ، الموافق فيه 1 سبتمبر سنة 1192م، وبهذه الاتفاقية يسيطر الفرنجة على شريط ساحلي ما بين يافا وصور، وتظل القدس في أيدي الأيوبيين مع السماح للمسيحيين بالحج إليها.

 

وفاته

أثناء تواجده في دمشق مرض صلاح الدين بالحمى الصفراوية وأصابه أرق فلم ينم الليل إلا قليلاً، وأخذ المرض يشتد ويزيد حتى يأس الأطباء من حاله، فتوفي صلاح الدين فجر يوم الأربعاء في 4 مارس سنة 1193م، الموافق فيه 27 صفر سنة 589 هـ، ودُفن بعد صلاة عصر ذلك اليوم في المدرسة العزيزية قرب المسجد الأموي في دمشق إلى جوار الملك نور الدين زنكي، وعندما فُتحت خزانته الشخصية لم يكن فيها ما يكفي من المال لجنازته، فلم يكن فيها سوى سبعة وأربعين درهمًا ناصريًا ودينارًا واحدًا ذهبًا، ولم يخلف ملكًا ولا دارًا، إذ كان قد أنفق معظم ماله في الصدقات.

 

 

خالد كامل

موقع حرف 24 الإلكتروني الإخباري يهتم بالشأن المصري والعربي يركز على القضايا الاجتماعية ويلتزم المهنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى