طالبة في إعلام سوهاج تشن حملة إعلامية حول صحة نساء الريف في صعيد مصر تكسر حاجز الصمت و تفتح جرحاً غائرا في خاصرة وزارة الصحة

ليس من باب الذكورية و إهمال حقوق النساء، بنيت الحملة على هذا الأساس، بل من باب الحقوق الآدمية و الإنسانية المكفولة بالشرع و الدستور و القانون و المواثيق الدولية، كانت منطلقاتها، حيث تسليط الضوء على واقع أقل ما يوصف به أنه مرير و أعلاه أنه ظلم فج في حق المرأة الريفية، حتى و لو كان غير متعمد أو غير مقصود من وزارة الصحة أو مسئولي المحافظات.
و ما هذه الحملة الإعلامية لتسليط الضوء على واجبات و حقوق الدولة و المرأة الريفية إلا على سبيل المثال لا الحصر، و هي إشارة إلى كل امرأة ريفية ليست في سوهاج فحسب، بل في عموم محافظات الجمهورية..
و بالرغم من كل الجهود المبذولة في محاولات تلافي الإهمال الطبي و الصحي تجاه المرأة الريفية، إلا أن المطلوب أكبر بكثير من الموجود، و لعل بهذه الحملة الهادفة تنتبه وزارة الصحة و تركز على سد الفجوات و العجز لدرء مفاسد محققة إذا استمر الإهمال مع المكافحات المكلومات في ريف مصر..
ففي مبادرة طلابية جريئة، كسرت نوران محمود السماسيري، الطالبة بالفرقة الثالثة بقسم الإعلام جامعة سوهاج، حاجز الصمت المطبق على المعاناة الصحية التي تجذرت في قرى و نجوع صعيد مصر، رغم أن المرأة الريفية هي الأكثر إنتاجًا والأكثر إهمالا أيضا
فعلى مدى ثلاثة شهور عكفت نوران في تدريسها وتدريبها على تصميم وتنفيذ الحملات الإعلامية الرقمية كمقرر دراسي تحت إشراف الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام والرأي العام بكلية الآداب جامعة سوهاج، أنتجت خلالها العديد من أشكال المحتوى الرقمي، وخصصت حسابا رسميا لحملتها على الفيسبوك باسم الحملة “تُنتج وتُهمل”
وقال الدكتور صابر حارص ان الحملة كشفت النقاب عن الإهمال الصحي المزمن والجسيم الذي يهدد حياة هؤلاء النسوة اللاتي يُعتبرن عماد الإنتاج في مجتمعاتهن، وألقت الضوء على التضحيات الجسام التي تقدمها المرأة الريفية في الزراعة وتربية الماشية والأعمال المنزلية، تلك التضحيات التي تقابل بإهمال صحي جسيم يرقى إلى وصفه “بالموت البطيء” في ظل غياب الرعاية الطبية والتثقيف الصحي للأسرة الريفية بصعيد مصر
وقال حارص ان نوران لم تطلق حملتها من فراغ، بل استندت إلى حقائق مؤلمة كشفت عنها نتائج دراسات علمية وإحصاءات ميدانية، مؤكدة أن:
* أكثر من 62% من النساء الريفيات محرومات من الرعاية الصحية المنتظمة، وأن مناطق الريف تشهد تفشيًا واسعًا لفقر الدم والأمراض المزمنة، وارتفاع نسب الوفيات بين الأمهات أثناء الحمل والولادة مقارنة بالمدن، وأن هناك فجوة هائلة في الوعي الصحي والخدمات الطبية التي تصل إلى القرى والمناطق النائية
وأوضح حارص أن الحملة استطاعت بجهود مضنية تحويل هذه الحقائق الصادمة إلى محتوى رقمي مؤثر، شمل: فيديوهات قصيرة تخترق القلوب، وتجسد معاناة النساء الريفيات
وبوسترات توعوية بصرية لافتة، تحمل رسائل قوية بلغة بسيطة تصل إلى الجميع، وإنفوجرافات تفاعلية وجذابة، تحول الأرقام والإحصائيات إلى قصص بصرية سهلة الفهم
وأكد حارص أن الحملة تكشف عن إهمال ثلاثي الأبعاد صحي وبدني ونفسي، تتعرض له المرأة الريفية في صمت مطبق، وسط تجاهل مجتمعي يكاد يرقى إلى جريمة صامتة بحق فئة تقوم بخدمة الزوج والأبناء ورعاية المنزل والمساهمة في الإنتاج الزراعي والحيواني، ومع ذلك تحرمها التقاليد الضارة من أبسط حقوقها الإنسانية في الصحة والعافية
ووصف حارص الحملة بأنها “المسكوت عنه في صعيد مصر” عندما تكون المرأة الأكثر إنتاجًا هي الأكثر إهمالًا، واصفا الإهمال بأنه إهمال ممنهج يهدد حياة آلاف النساء الريفيات في صعيد مصر، وأن مبادرة نوران السماسيري غير مسبوقة إعلاميا كحملة كشفت المستور في الريف المصري، وأثبتت بمفردها أن صوت الشباب الواعي قادر على إحداث تغيير حقيقي