في شهر فبراير.. ذكرى وفاة العباس عم النبي محمد ﷺ

جد الخلفاء العباسيين الأكبر، آخر المهاجرين، ساقي الحرمين، أمه أول كاسي للكعبة، أنقذ حياة النبي في حنين، وقد سميت الدولة العباسية نسبة له.
ففي مثل هذا الشهر الميلادي فبراير عام 653م، كانت وفاة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكان ذلك في 14 رجب 32 هجري الموافق في تاريخ 653/02/18 م
تعريف
هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي يُكنى بأبي الفضل، صحابي من صحابة رسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم وعمه، وهو ثاني من أسلم من أعمامه العشرة إذ لم يسلم منهم سواه وحمزة رضي الله عنهما.
كما أنه عديل النبي صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً، فزوجة النبي محمد هي ميمونة بنت الحارث أخت زوجة العباس لبابة الكبرى بنت الحارث، ولد في مكة المكرمة قبل عام الفيل بثلاث سنين أي في عام 56 ق.هـ الموافق 568م، أي أنه ولد قبل النبي محمد ﷺ بثلاث سنوات ولهذا قيل للعباس: أنت أكبر أم النبي صلّى الله عليه وسلم، فقال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله.
إخوته وأخواته
كان له أخ واحد من أبيه وأمه وهو ضرار، وكان له إخوة من أبيه وهم أبو طالب، وعبد الله، وحمزة، والزبير، والحارث، وأبو لهب، والمقوم، وقثم، وله أخوات من أبيه وهن صفية و أروى و أميمة وبرة والبيضاء.
أمه أول من كسا الكعبة
تعتبر أم العباس نتيلة بنت جناب النمرية، أول من كسا الكعبة، حيث كان العباس قد ضاع وهو صغير، فنذرت أمه أن تكسو الكعبة إن وجدته، فوجدته فكست البيت الحرام حريراً فكانت أول من كساه.
قبل إسلامه
كان العباس من أكبر رجال بني هاشم مكانة، وأكثرهم مالا في الجاهلية، وكان رئيسا في قريش، وكانت له عمارةُ البيت الحرام والسّقاية والرفادة وشهد مع رسول الله بيعة العقبة، وقد أسلم فيها ولكنه أخفى إسلامه.
دوره في مكة حيث كان آخر المهاجرين
لم يهاجر مع المسلمين إلى المدينة، بل بقي في مكة ليحفظ أموال بني هاشم، وشَهِد غزوة بدر مع قبيلة قريش مُكرهاً فأُسر ففدا نفسه ثمّ رجع إلى مكة وكان دوره في مكة ان يخفي إسلامه وينقل إلى الرسول صل الله عليه وآله وسلم أخبار ومؤامرات الكفار، وكان المسلمون الذين بقوا في مكة يتقوون به، وبقي على هذا الحال إلى أن كشف إسلامه قبل عام الفتح بقليل وهاجر إلى المدينة فكان آخر المهاجرين.
غزوة حنين و إنقاذه للنبي صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا:
في 8 هجري الموافق 630م كان ممن ثبت في غزوة حنين مع النبي صل الله عليه وآله وسلم، وكان من أحد السبعة الذين صمدوا وبقوا حول النبي بعد أن تفرق المسلمين، وكاد رجل من بني ليث من كنانة أن يقتل رسول الله، فاحتضنه وقال لأحد الصامدين إقتله ولا تتقي مكاني ولا تبالي إن قتلت، وكذلك فعل العباس بستة آخرين قد قتلوا جميعا، فدعا له النبي صل الله عليه وآله وسلم وقبل وجهه.
تكريم النبي صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا له
كان الرسول محمد ﷺ يعظمه ويكرمه، وقال فيه: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اتَّخَذَنِي خَلِيلا، كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا، وَمَنْزِلِي وَمَنْزِلُ إِبْرَاهِيمَ فِي الْجَنَّةِ تُجَاهَيْنِ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ خَلِيلَيْنِ»، وللنبي أحاديث كثيرة تذكر فضله ومناقبه، وتبشر بأن الحكم سيصل إلى نسله، ومنها حديث رسول الله: (يكون من ولد العباس ملوك يلون امر امتي يعز الله بهم الدين).
عام الرمادة وتوسل عمر رضي الله عنه به
في عام 18 هجري الموافق 639م، حدث قحط وجدب وجوع أصابت المدينة المنورة وما حولها زمن خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقام سيدنا عمر بن الخطاب فالإستسقاء بالعباس فانتهى القحط.
عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: “اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتُسْقِيَنَا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا” قال: فَيُسْقَون.
وفاته رضي الله عنه
كُفَّ بصره في آخر عمره، وأُعتق سبعين مملوكا عند موته، حيث توفي في المدينة المنورة في 14 رجب 32 هـ وعمره ثمان وثمانون سنة، وبعث بنو هاشم مؤذنين يخبرون الناس بوفاته، فأتى حشد عظيم من الناس لجنازته، وازدحموا عليه ليحملوه وليدفنوه، فاضطر الخليفة عثمان بن عفان (ر) أن يأتي بالشرطة ليفرق الناس عنه وحضر غسله عثمان بن عفان، وغسله علي بن أبي طالب (ك)، وأبناء العباس عبد الله وقثم، وعبيد الله، فصلىَ عليه عثمان (ر) ودُفِنَ في بقيع الغرقد.
–
وبعد مئة عام من وفاة العباس أي في عام 132 هجري تأسست الدولة العباسية وكان أحفاده، السفاح والمنصور أبناء محمد بن علي بن عبد الله بن العباس أول خلفائها، فسميت الدولة العباسية نسبة للصحابي العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، فقد كان جميع خلفائها من نسله.