مفيد شهاب وزير المجالس النيابية الأسبق: قرار “العدل الدولية” تاريخي استند بحسم لقواعد القانون الدولي
أ ش أ
أكد الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالي و المجالس النيابية الأسبق عهد الرئيس الراحل مبارك وأستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، أن القرار الصادر اليوم عن محكمة العدل الدولية بشأن التدابير التي يتعين على إسرائيل اتخاذها منعا للإبادة الجماعية، يعد قرارًا تاريخيًا وخطوة إيجابية، لاستناده الصحيح والقوي والحاسم على قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني واتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948.
وقال الدكتور شهاب – في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة – إن هذا القرار يعد الأول الذي يصدر عن المحكمة في دعوى مرفوعة ضد إسرائيل وتحضرها إسرائيل؛ التي فشلت في إقناع المحكمة برفض دعوى جنوب إفريقيا خلال الالتفاف على الأسباب الحقيقية، وإدخال قضايا جانبية، مشيرًا إلى أن القرار يدين الممارسات الإسرائيلية في وضوح، ويطالب دولة الاحتلال باتخاذ تدابير محددة، ويكلفها كذلك بتقديم تقرير خلال شهر عن مدى التزامها بتنفيذ ما طلبته المحكمة.
وأضاف الدكتور شهاب، أن القرار الصادر اليوم عن المحكمة سيكون له تأثير ملموس على مجرى ما يتم في قطاع غزة منذ ما يقرب من 4 أشهر، سواء بالنسبة لممارسات الجيش الإسرائيلي في القطاع، أو في مسيرة المفاوضات الدائرة حاليا لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وكذا دخول المساعدات الإنسانية بل والتحرك الإيجابي لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
ولفت الدكتور مفيد شهاب، إلى وجود فتاوى قانونية سابقة صادرة عن المحكمة ضد إسرائيل مثل فتوى قانونية الجدار العازل، غير أن ذلك كان في شكل آراء استشارية قانونية غير ملزمة لإسرائيل، وإن كانت تتمتع بقيمة أدبية كبيرة.
وتابع شهاب، أن قرار المحكمة يستجيب لطلب جنوب إفريقيا بإقراره أن هناك ممارسات إسرائيلية تمثل جريمة الإبادة الجماعية التي يجب أن تتوقف ويطالب إسرائيل كذلك أن توفر وسائل الحماية المدنية لسكان غزة. مما يعني رفض كل عمليات التهجير القسري والقتل العشوائي وتدمير المستشفيات والمباني والبنية الأساسية للقطاع.
واعتبر أن قرار محكمة العدل الدولية ينصف فلسطين ويساهم في تحقيق العدالة لشعبها، ويأتي سندا قويا للمطالبة الشرعية في إقامة دولته المستقلة، فيما يدين إسرائيل، وتصرفاتها ويسهم في عزلها عن المجتمع الدولي ويفضح ممارساتها اللا إنسانية ، واعتمادها على القوة، وتجاهلها للقانون الدولي وأحكامه وقرارات المنظمات الدولية.
وفيما يتعلق بعدم وجود صريح في قرار المحكة يوقف فوري لإطلاق النار، أكد الدكتور مفيد شهاب، أن قرار المحكمة باستنكار ممارسات الإبادة الجماعية، وضرورة توفير الحماية والمساعدات الإنسانية، لا يمكن أن يتم تنفيذه إلا من خلال وقف إطلاق النار، لأن كل ما تريد المحكمة تحقيقه لا يمكن أن يتم في ظل استمرار العمليات العسكرية، بل وأن تكون هذه العمليات قد توقفت، حتى يتحقق للفلسطينيين الحماية الحقيقية من أعمال الإبادة الجماعية ولذا فإن المحكمة طالبت “ضمنا” دون أن تذكر ذلك صراحة وقفا لإطلاق النار.
وكانت جنوب إفريقيا قد تقدمت بدعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، تتهمها بارتكاب جرائم إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والمطالبة أن تصدر المحكمة حكما بأن إسرائيل قد خالفت الاتفاقية الدولية الخاصة بمنع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها لعام 1948، المنضمة إليها غالبية دول العالم؛ بما فيها جنوب إفريقيا وإسرائيل.
وأوضح الدكتور مفيد شهاب، أنه لما كان البت في طلب جنوب إفريقيا بما يضمه من دراسة المذكرات، والمرافعات الشفهية، وسماع الشهود، و المعاينات، و تحليل الوثائق والمستندات، وتقارير الخبراء، قد يستغرق شهورا بل سنوات، كان من الطبيعي أن تطلب جنوب إفريقيا على وجه الاستعجال أن تتخذ المحكمة تدابير مؤقتة احترازية بالوقف الفوري للممارسات الإسرائيلية الوحشية وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية الفورية للقطاع؛ تجنبا لحدوث مضاعفات ونتائج سلبية، يكون من الصعب تداركها مستقبلا إذا انتظرنا حتى صدور الحكم في الشق الموضوعي.
وذكر الدكتور مفيد شهاب أن البت النهائي في طلب جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية، سيكون في ضوء المستندات التي يتم تقديمها والمرافعات التي سيتم تقديمها، أما ما صدر اليوم فهو قرار مؤقت احترازي يقضي “على إسرائيل اتخاذ كافة التدابير لمنع الإبادة الجماعية”، ويؤكد ضرورة توفير الحماية المدنية لشعب غزة”.
وأوضح، أن محكمة العدل الدولية تعد جهازا رئيسيا من أجهزة الأمم المتحدة؛ أي أنها جزء من المنظمة العالمية، ولكنها تتمتع باستقلال تام في ممارسة مهامها وقضاتها المستقلين على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة والحيدة، ولا يحكمها إلا القانون ولا دخل لأي اعتبارات سياسية في عملها بعكس باقي الأجهزة خاصة مجلس الأمن الذي تتحكم فيه المصالح والاعتبارات السياسية.
وتابع، أن المحكمة تختص بالمنازعات التي توافق الدول على عرضها عليها، أي عند موافقة كل المتنازعين، أي أن اختصاصها اختياري للدول وليس إجباريا فهي لا يمكن أن تنظر في أي نزاع إلا إذا تأكد من موافقة أطراف النزاع على ذلك، هذا إلى جانب اختصاص استشاري أي افتاء بإبداء الرأي القانون لأجهزة الأمم المتحدة ومنظماتها
وأضاف أن المحكمة تختص بنظر دعاوى قضائية وتصدر فيها أحكاما ملزمة، في حالة وجود اتفاقية دولية تحيل لها هذا الاختصاص بغض النظر عن موقف الطرف الآخر في النزاع؛ مشيرًا إلى أن دعوى جنوب إفريقيا استندت في لجوئها للمحكمة على نص المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 التي تقرر حق أي طرف في الاتفاقية أن يطلب بمفرده من المحكمة أن تنظر شكواه مع طرف آخر في الاتفاقية بشأن تفسير أو تنفيذ هذه الاتفاقية.