الفنان أيمن الشيوي نجل الأزهري الذي تولى عمادة العالي للمسرح في حوار خاص لـ حرف 24:عرض ألف مسرحية مثل “تشارلي تشابلن”..حلم حياتي
نشأتي في منزل أزهري وعملي في التدريس الأكاديمي فرضا علي التدقيق في اختيار الأدوار

حوار: أمنية طلعت
مشوار طويل قطعه الفنان الأكاديمي البارز أيمن الشيوي في عالم الفن كممثل، وكأستاذ الإخراج والتمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بأكاديمية الفنون. عرفه الجمهور من خلال العديد من الشخصيات كان أبرزها مؤخراً شخصية نابليون بونابرت في مسلسل “سره الباتع”، ودور إدجار هوفر مؤسس التحقيقات الفيدرالية الأمريكية في مسرحية تشارلي تشابلن الموسيقية، والتي تعد حديث الجماهير العربية منذ شهور عديدة وحتى الآن.
مؤخراً تولى الدكتور أيمن الشيوي عمادة المعهد العالي للفنون المسرحية ورئاسة المسرح القومي، وعبر في أكثر من حديث عن أحلامه بإعادة المسرح القومي إلى الصدارة وتنشيط الإنتاج الفني داخل الأكاديمية، فكان لنا معه هذا الحوار.
- تتولى الآن منصبين كبيرين “عمادة المعهد العالي للفنون المسرحية” وإدارة المسرح القومي، فكيف توفق بينهما وبين عملك الفني كممثل؟
عندما يكون لدى الإنسان طاقات كبيرة وتوجهات واهتمامات وإبداعات متعددة، يمكنه توزيعها على أكثر من مجال، ولكن في حالتي المجالات كلها مرتبطة ببعضها البعض، فأنا أستاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية ومدير المسرح القومي وممثل مسرحي وتلفزيوني، وبالتالي عملي كمدير للمسرح القومي يتكامل مع توليتي عمادة المعهد العالي للفنون المسرحية، كما أن فترة العمل في المعهد صباحية والعمل في المسرح القومي يكون مساءً، وأنا من الأشخاص التي تستطيع التركيز في أكتر من شيء وأعتبر ما أقوم به رسالة قومية ومهمة وطنية لمحاولة تصحيح بعض الأوضاع وتطوير المعهد والمسرح.
أستمتع بعملي كثيراً
- لكن ألا يشكل ذلك حملاً كبيرا على كاهلك؟
لا أبداً، فأنا بشكل شخصي أستمتع بمهنة التدريس وفكرة الاكتشاف العلمي والقراءة والاطلاع والبحث العلمي، فهذه موهبة تحقق لي متعة كبيرة تحديداً عند لقائي بالطلاب الموهوبين والتدريس لهم، حيث أشعر بالرضا والسعادة وكما أخبر طلابي دائماً أنه كان باستطاعتي أن أكون نجماً من نجوم الصف الأول، ولكن التدريس يمنحني الفرصة كي أُخرج عشرات من نجوم الصف الأول وغيرهم من النجوم، خاصة أنني عندما التحقت بالمعهد لم أكن أخطط لموضوع التدريس هذا.
- بالتأكيد، هل لأنه كان بإمكانك أن تكون معيداً في كلية الإعلام التي تخرجت منها أولاً؟
هذا حقيقي وعملت في المجال الإعلامي أثناء دراستي بالمعهد. ممارسة الفن هي هوايتي الأساسية، ولكن وجودي كمعيد في المعهد ثم أستاذ فرض عليّ مستوىً معيناً من الاختيارات لأنني لا أستطيع أن أقبل بأي شئ وأنا أستاذ أقابل الطلاب كل يوم في صفوفهم الدراسية، بالإضافة إلى أن بيتي وأسرتي فرضا عليّ التدقيق في اختياراتي، فأنا في النهاية إنسان مصري بسيط أراعي اهتمامات الأسرة المصرية البسيطة في اختيارات الأعمال التي أقدمها وأمارس هوايتي وأستمتع بعملي، فأنا أحب عملي جداً.
- أنت أبو البنات… هل كان ذلك سبباً أيضاً في التدقيق في اختياراتك؟
لا أعتقد ذلك ولكن التنشئة الريفية التي تربيت عليها، فلقد ولدت لأب يعمل كمدرس للغة العربية وكان أزهرياً يترأس البعثة التعليمية في الصومال، ولقد توفى أبي وأنا صغير فتربيت في بيت جدي الذي كان عالماً أزهرياً بدوره، لذلك فإن التنشئة المنضبطة المحترمة هي السبب والتي لا يمكن أن أتخلى عنها مهما حدث، حتى وأنا أعيش في أوروبا، فلقد اخترت أن أكون مفيداً لأهلي وناسي وبلدي، وطبعاً عندما يكون لدي بنات سأكون أكثر حرصاً وتدقيقاً في الأدوار التي أقدمها لأني لا أرغب في أن تراني بناتي في أي شكل أخجل منه.
عودة الربرتوار للقومي
- نتحدث منذ عقود طويلة عن عودة الريبرتوار للمسرح القومي باعتباره المسرح الرسمي أو الوطني المُمثل لمصر .. هل لديك خطة لتنفيذ هذا الحلم؟
فكرة إنشاء مسرح قومي أو وطني لدولة ما تقوم على أن يعبر عن ثقافة وطموح هذا البلد، بحيث عند زيارة أي سائح لهذا البلد ويزور مسرحها، يتمكن من التعرف على ثقافة مجتمعها، فالمسرح القومي لأي دولة هو مؤسسة قوية ومستقلة بذاتها تتمتع بصلاحيات كبيرة جداً من حيث الإنتاج وطبيعة العروض والريبرتوار، ففكرة أن نؤسس لمسرح وطني قوي تحتاج لأن نبدأ بها فوراً، ولكن كي نُطلق هذا المشروع يجب أن يكون لدينا على الأقل عشرة عروض مسرحية تم الحفاظ على ديكوراتها وملابسها وفنانيها،
فالفكرة في الأساس قائمة على صيانة المال العام، فعندما تنتج الدولة عرضاً مسرحياً تكلفته مليون ونصف جنيه، فهذا المبلغ يحتوي على أصول يجب الحفاظ عليها واستثمارها جيداً، وهذا الاستثمار يتحقق بصيانة كل عناصر إنتاج هذه المسرحية وتكرار عرضها في مواسم مُعد لها مسبقاً، وبالتالي يكون لدي ريبرتوار يسمح للأجيال المتعاقبة بمشاهدة هذا العرض وأحقق الربح منه باستمرار بعد أن يغطي تكلفته، وهنا أكون قد وفرت للدولة بأصول ثابتة تدر عوائد سنوية ولا تحتاج سوى مبالغ بسيطة للترميم بشكل دوري.
ويضيف الشيوي: ما أحلم به أيضاً أن أعقد اتفاقات تعاون بين الدولة وبين جهات الإنتاج الخاصة والجهات الداعمة، بحيث أرفع عن كاهل ميزانية وزارة الثقافة مصاريف إنتاج المسرحيات، مثل أن يرعى بنك من البنوك مسرحية تتماشى مع أهدافه وطموحه، فلو استطعت أن أحصل على رعاية ثلاثة بنوك مثلاً فسوف أتمكن من عمل خريطة إنتاج رائعة بنجوم كبار وأتمكن من تطوير الشبكة والتكنولوجيا الحديثة المستخدمة في المسارح العالمية بحيث يكون عندي عرض جاذب للجمهور.
و أنا الآن أعمل على تحقيق هذا الهدف وأحلم أن يكون عندي خريطة عروض تغطي السنة بالكامل خلال 2024، وهذا يضمن العنصر المادي بحيث يكون عندي حجوزات للعروض قبل بدئها بستة أشهر مثلاً، وعندما يكون لدي عرض ناجح وممول جيداً أستطيع تقديم 60 و90 ليلة عرض ولا أتوقف عند 30 ليلة عرض فقط، وعليه أستطيع زيادة أجور الفنانين ولا يضطروا لترك المسرح من أجل تصوير مشاهد في أفلام أو مسلسلات.
خمسة عروض على القومي
- هل يهرب الفنانون من المسرح بسبب الأجور؟
المسرح القومي حالة خاصة وكبار النجوم يحبون الوقوف على خشبته مثل يحيى الفخراني ونور الشريف ومحمود ياسين والآن داليا البحيري ونضال الشافعي.
- ما هي المشاريع المسرحية التي تعمل عليها الآن؟
لدي الآن عرض “سيدتي أنا” الذي يعرض بنجاح، وتعود قريباً مسرحية “الحفيد”، كما نُحضر لخمسة عروض أخرى 3 عروض كبيرة سواريه وعرضين ماتينيه، لأننا سنعود إلى نظام عروض الماتينيه الصباحية والسواريه المسائية وهذا هو تقليد يجب أن يتبعه أي مسرح في العالم، وهذا يتطلب بالطبع ميزانيات كبيرة وتخطيط وتنسيق دقيق لدخول وخروج ديكور كل مسرحية لأن المسرح القومي يحتوي على خشبة مسرح واحدة.
- هل تعتقد أن المسرح سيتمكن من استعادة جمهوره؟
المسرح استعاد جمهوره بالفعل، لا أنكر أنه كان قد فقد جمهوره وهذه كانت الأزمة الحقيقية التي تسبب فيها متغيرات كثيرة منها هجوم التكنولوجيا على الناس متشتيت، كذلك أصر المسرحيون في العقود السابقة على تقديم الشكل التقليدي من المسرح، وإن تمكن مهرجان المسرح التجريبي من تغيير الكثير من العناصر، ولكن لم يستطع من تحقيق التغيير الكامل المنشود ما جعل الجمهور ينصر عن المسرح، لكن في النهاية المسرح حالة خاصة جداً ويمنح المتفرج أجواء ساحرة تجذبه إليه، وهذا ما رصداه في السنوات القليلة الماضية حيث عاد الجمهور لمتابعة المسرح، فمثلاً استطعنا عرض 35 ليلة كامل العدد من مسرحية “سيدتي أنا” رغم أننا لا نملك ميزانية دعاية، لكن الناس الآن تثق فيما نقدم.
- تألقت في الفترة الماضية في دور نابليون بونابرت في مسلسل “سره الباتع” وفي مسرحية تشارلي تشابلن، حدثني عن هذه التجربة.
انا أحب الشخصيات التي يكون لها فكر ومنطق وربما تكون قاسية لأنها تقف في مواجهة البطل الذي غالباً ما يكون مستضعفاً، ففي الدراما يجب أن تكون هناك مواجهة بين القوي والضعيف حتى يُخلق الصراع، وحظي دائماً أنه يتم وضعي في مواجهة البطل مما يضفي على الشخصية التي ألعبها ظلال الشر، ولكن عموماً لولا وجود “الفيلين” ما كان لدى البطل قضية يدافع عنها، أما عن تجربة تشارلي فقد غيرت مفاهيم المسرح العربي بشكل عام ورفعت سقف توقعات الجمهور.
وهذا ما طالبت به منذ عودتي من البعثة الدراسية في إيطاليا، حيث طالبت بإنتاج مسرحيات موسيقية لأن هذا هو الشكل المحبب لدى الجمهور، وأتمنى أن تتوفر الظروف التي توفرت لتشارلي تشابلن حتى نرى أعمالاً على نفس المستوى مرة أخرى، فالأعمال الفنية الأصيلة تحتاج إلى العمل الجاد والصبر والإنتاج الحقيقي على كافة عناصر العمل، لا الإنتاج الذي يعطي البطل ثلاثة أرباع الميزانية ثم يقدم عملاً فقيراً بما تبقى.