الاحتلال يحاول التوغل داخل الكتل العمرانية ويكثف من عمليات القصف والمقاومة تفتك بآلياته
بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في تكثيف عمليات القصف الجوي، في غزة، في محاولة لتوسيع الحزام الناري، من أجل تأمين توغل القوات البرية، لحافة الكتل العمرانية الكبرى في القاطع الشمالي من قطاع غزة، مسرح عمليات الحرب، بينما تستمرّ المقاومة بتكبيد قواته خسائر فادحة في كلّ محاولة تقدم.
مع اقتراب الأسبوع الثاني للعدوان البري الإسرائيلي على غزة من الانتهاء، يمكن القول إنّ زخم التقدّم السريع الذي اكتسبته ألوية الاحتلال المدرعة في توغلاتها الأولى تباطأ بشكلٍ واضح خلال الأيام الأخيرة، مُثقلاً بخسائر كبيرة في الآليات والجنود.
وقد أكّد الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أـبو عبيدة، في رسالةٍ مصورة، أنّ المقاومة نجحت حتى الآن في تدمير 136 آلية ومدرعة ودبابة للاحتلال بشكلٍ كلي أو جزئي منذ بداية المعركة، وهو ما تُشير إليه التقارير الإسرائيلية عن الاستعانة بدبابات من الجيل الثالث وإعادتها إلى الخدمة في الميدان بشكلٍ مُستعجل خلال الأيام الأخيرة.
وتدور اشتباكات شرسة خلال هذه الساعات، بين كتائب المقاومة وبين القوات الإسرائيلية، وسمع دوي انفجارات شديدة بالمدفعية، وطلقات نيران كثيفة، في أماكن تمركز الدبابات، بمنطقة الرمال.
و ركّزت مدرعات الاحتلال خلال المرحلة الماضية على الخاصرة الشمالية الغربية التي حاولت شقّها عبر محور الخط الساحلي للقطاع، غربي بيت لاهيا، باتجاه مخيم الشاطئ، وحاولت عبر أكثر من تقدّم يصاحبه إسناد ناري كثيف بواسطة المدفعية والطائرات والقصف البحري، يبدو أنّ قيادة المحور قررت تحويل جهدها إلى نقطةٍ أخرى، بعدما فقدت الأمل في أن يكون هناك طريقٌ سهل نحو وسط القطاع من خلال عملية الالتفاف هذه.
فبعدما خسر الاحتلال ما يقارب الـ30 آلية ومدرعة ودبابة وعشرات الجنود بين قتيل وجريح في معارك المشارف الشمالية لمخيم الشاطئ وشرقيه في منطقة النصر-التوام-الكرامة، خلال هجماتٍ عدّة شنّها في الليل والنهار خلال الأيام الماضية، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى خارج خط الواجهة البحرية المدمر، وبدأت تُحاول التوغّل في جنوبي غربي بيت لاهيا، عبر محور فرعي استحدثته في العطاطرة.
وتعدّ منطقة العطاطرة، منطقة عمرانية ضعيفة الكثافة، وقد يعتقد الإسرائيلي أنّها ستكون أقلّ صعوبةً على قوّاته لاختراقها بسرعة واتخاذها قاعدة للتقدّم إلى مناطق أخرى، ولكن المقاومة استهدفت القوات المتوغلة فيها، واشتبكت معها.
وقد أعلنت كتائب القسام أنّ مقاتليها تمكنّوا في 24 ساعة الأخيرة، من تدمير 16 آليةً عسكريةً كلياً أو جزئياً في مختلف محاور القتال، ونفّذوا عمليات قنص واستهدفوا القوات الراجلة بمختلف الأسلحة وأوقعوا فيها إصاباتٍ مُحققة، كما دكّوا القوّات المتوغلة بعشرات قذائف الهاون.
اعتماد إسرائيلي مفرط على القصف التدميري
ويُعاني الاحتلال من أزمةٍ نتيجة اعتماده المفرط على غارات سلاح الجو والمدفعية البرية وقصف البوارج، حيث يتعمد استفزاز قوات المقاومة في منطقة معينة عبر تقدم محدود وعندما يتمّ استهداف قواته بأسلحة ضد الدروع وإعاقة تقدمها تنسحب مدرعاته ودباباته الباقية بسرعة من المنطقة ويتم استهدافها بشكلٍ عنيف بالقصف المركّز.
ولكنّ هذا الأمر يجعل تقدمه فيها صعباً جداً لأنّ الرُكام سيعيق أيّ تقدم سريع لقواته ويُشكّل بيئةً ممتازة لاستتار قوات المقاومة، فيضطر إلى الالتفاف حولها والدخول في معركةٍ جديدة قد يتكرر فيها نفس السيناريو.
ومع ذلك، تفضّل قيادة جيش الاحتلال عدم استعمال المشاة في الاقتحامات إلى جانب المدرعات، على ضرورتها، تقليلاً للخسائر وتجنباً لأزمة أسرى ومفقودين جديدة قد تكون مُدمّرة لأهداف الهجوم والتي تتضمن بشكلٍ أساس تحرير الأسرى الإسرائيليين في غزة واستعادة معنويات “جيش” الاحتلال.
وفي الجنوب، يتمحور التوغل الإسرائيلي حالياً حول الضغط باتجاه ضواحي مدينة غزة الجنوبية الشرقية من خلال محاولات الدخول إلى حي الزيتون، حيث يلقى العدو مقاومةً شرسة في الزيتون وجحر الديك، كما يُحاول التقدّم من شارع الرشيد نحو الميناء ومنه باتجاه مخيم الشاطئ عبر الخط الساحلي، في سعيٍ للضغط على المخيم من جهتين، ويُلقى كذلك مقاومةً شرسة.
هجمات واسعة للمقاومة تكبد الاحتلال خسائر فادحة
وبعد أن تمكّن مقاومو القسام، الإثنين الماضي، من تدمير أكثر من 15 آليةً عسكريةً على مشارف مخيم الشاطئ وفي بيت حانون، بحسب الإعلام الحربي، كبّدت المقاومة الاحتلال خسائر فادحة خلال 24 ساعة الأخيرة، وصلت إلى 16 آلية ومدرعة ودبابة.
مثلث التوام-النصر-الكرامة
وفي شمالي مخيم الشاطئ، ضمن ما يبات يعرف بعقدة مثلث التوام-النصر-الكرامة والتخوم الشمالية الغربية لحي الشيخ رضوان، دمّر المقاومون تباعاً ما يصل إلى 8 دبابات للاحتلال وناقلتي جند وآلية هندسية، بقذائف “الياسين105”.
كما نجح المقاومون في قنص جندي إسرائيلي في منطقة التوام، والاشتباك مع قوات كانت تحاول التثبيت على مشارف المنطقة.
محور جنوب غزة
وفي الاتجاه الذي يسعى الاحتلال إلى التقدّم عبره نحو الميناء، بعد قصف عنيف ليل أمس على المنطقة، دمّرت قذائف المقاومين الخارقة للدروع دبابتين إسرائيليتين، كما نجح مقاومو القسام في استهداف مجموعة من جنود الاحتلال تمركزوا قرب تجمع للآليات المتوغلة جنوبي مدينة غزة، بصاروخ موجه من طراز “كونكورس”.
كما أعلنت القسام لاحقاً أنّ المقاومين أوقعوا قوّةً إسرائيلية راجلة في كمين محكم في منطقة الشيخ عجلين على الخط الساحلي قرب شارع الرشيد، مؤكدةً قتل عدد من جنود القوة وإصابة الباقين.
العطاطرة وغربي بيت لاهيا
وفي غربي بيت لاهيا، وتحديداً في منطقة العطاطرة حيث يتوقّع أن تتصاعد في الساعات المقبلة وتيرة الاشتباكات، دمّر مقاومون دبابة صهيونية في منطقة السلاطين شمالي غربي بيت لاهيا بقذيفة “الياسين 105″، وأكّدوا اشتعال النيران فيها.
محور بيت حانون
وفي بيت حانون، حيث يحاول الاحتلال الإطباق على المنطقة من الجهتين، دمّر المقاومون فجر أمس دبابتين للاحتلال بقذائف مضادة للدروع، كما تخوض قوات المقاومة اشتباكاتٍ مُباشرة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة مع قوات الاحتلال.
وقد أعلنت كتائب القسام أنّ مقاوميها استهدفوا قوةً إسرائيليةً خاصة متحصنة في مبنىً شمالي بيت حانون، بقذيفة مضادة للأفراد.
قصف قوات الاحتلال ومراكزها المستحدثة
ومع تضييق مسافة الاشتباك مع الاحتلال أكثر فأكثر واستحداث العدو لمراكز قتالية وتحشيدات داخل المناطق المفتوحة في شمالي القطاع، تدكّ كتائب القسام ومعها سرايا القدس تجمعات آليات الاحتلال المتوغلة في مختلف المحاور بقذائف الهاون من العيار 120 ملم الثقيل، والصواريخ القريبة المدى.
ودكّت المقاومة، أمس، تجمعاً لآليات الاحتلال في جنوب غزة، كما أعلنت سرايا القدس استهداف الحشود العسكرية في محيط موقع مارس العسكري بقذائف الهاون 120 ملم والهاون 60 ملم المضاد للأفراد.
كما أعلنت سرايا القدس استهداف تجمع آليات ومدرعات للعدو في محيط فندق المشتل شمالي غربي غزة بوابل من قذائف الهاون الثقيل.
واستهدف مقاومو القسام كذلك تحشيداتٍ لقوات العدو في “مفتاحيم” برشقة صاروخية.
وتستعمل المقاومة عيارات عدّة من قذائف الهاون، أبرزها تأثيراً وفعالية اليوم القذائف من عيار 120 ملم، وهي تمتاز بفعاليةٍ كبيرة ضد الأفراد الحشود وبدائرة تأثير واسعة، ويمكن أن تُسبب أضراراً كبيرة في الآليات المصفحة، وأضراراً في الدبابات والمدرّعات في حال أصابتها بشكلٍ مباشر، ويوجد منها لدى المقاومة مدافع وذخائر صناعة محلية وأجنبية.