تقارير و تحقيقاتسلايدرمقالات

منى عشماوي تكتب ل حرف 24: الإعلام العربي الصهيوني.. و رمق السنوار الأخير  

 

بقلم/ منى عشماوي

من الغريب بل من المدهش ما استطاعت إسرائيل أن تحققه طيلة سنوات مضت،  هذا الكم لاختراق وجدان بعض العرب الذين تزرع بداخلهم حقها المزعوم الكاذب في أرض محتلة و وعد مشؤوم.

أجد هذا الاختراق لقلوب و وجدان الملايين، هو أكبر من أي انتصار بصاروخ هنا أو دبابة هناك، أكبر من أي انتصار تكنولوجي في الحرب والقوة والتسليح، ذلك هو أن تصنع أصدقاء لك بل حلفاء داخل جبهة الآخر تحيك خيوطها بصبر، بذكاء، بكل ما استطعت من وسائل دعائية و إعلامية، لتجد مذيعة عربية لبنانية أو سورية تتلو أخبار الحرب على لبنان بفم مبتسم ونظرة تشف بلهاء، رغم أنها تحكي خبرا عن أرضها و عن ضرب جيش الاحتلال الإسرائيلي لشعبها، حتى لو اختارت أن تعيش في بلد آخر هو بلد عملها في القناة التي تعمل معها، ثم تجد هذه الفرحة العارمة التي تأتي مع خبر يقول آخر نفس في رمق السنوار.

هذا الاختراق الصهيوني لبعض الأرواح العربية التي تملك زمام أمور كثيرة، لم يقتصر على السياسة يوما، بل كان له كل التأثير على الاقتصاد و الإعلام العربي، لتخلق تلك الحاله الطوعية نوعا من  تقبل الاحتلال و دولته المسماة إسرائيل في المنطقة لتؤكد أنها ذات حق و سيادة، بينما يظل الفلسطينيون بلا حقوق، بلا دولة، بلا أرض، مطاردين مهجرين نازحين.

و في نفس الوقت تلحظ فشل العرب في خلق كيانات إعلامية داخل أسوار المحتل تتحدث العبرية و تضمر له العداء، تتحدث العبرية في قنوات تبث و توجه للملايين من الصهاينة حول العالم لإيصال قضيتهم التي مفترض أن تكون عندهم الأولى و هي القضية الفلسطينية.

السؤال ماذا حدث؟! ماذا تغير في قلوب العرب تجاه القضية الفلسطينية، فجعل البوصلة تنقلب عقاريها رأساً على عقب؟!

و تتبدل الأحوال من غضب و رفض بعد أن أقدم الرئيس السادات على اتفاقية كامب ديفيد لدرجة المقاطعة العربية و نقل مقر الجامعة العربية إلى تونس مع تعليق عضوية مصر في الجامعة سنة 1979 لتعود إلى الجامعة مرة أخرى سنة 1989

عشر سنوات كاملة من الرفض العربي للموقف المصري من دولة الاحتلال المسماة إسرائيل بعد أن حصلت مصر على كامل أرضها المحتلة.

اليوم تقف المنطقة بأكملها على أعتاب استقطاب دولي خطير، -يمنح تلك الشوكة في خاصرة العرب الكيان المسمى إسرائيل- الحق في الوجود دون اي حقوق للفلسطنيين إلا قلة قليلة ليصبح السابع من أكتوبر هو القشة التي تكشف مدى صدق نوايا الغرب في إنهاء الاحتلال و وجود دولة فلسطينية ذات سيادة وكيان وحقوق، فتسبق الشعوب حكامها في خلق رفض عارم لآلة القتل و الإبادة الوحشية الإسرائيلية، الأمر الذي ظهر جلياً في كم التظاهرات التي اجتاحت العالم بأسره.

نجحت إسرائيل على مدى أكثر من خمس عقود في صنع أعشاش لها في إعلامنا العربي الذي يريد أن يزين لنا أنها الصديق الصدوق الذي يريد العيش بأمان وسط كيانات وتيارات إيرانية قاتلة، لتصور من المقاومة وحشا كاسرا يهدم الأرض لمصالح إيرانية وحسب، هذا التصور الذي وجد حضنا أمريكيا تلاه حضن أمريكي في المنطقة لدفع هذا البعبع الإيراني الذي يريد اليوم أن يمد يده لجيرانه مصافحا مسالما منفتحا ليظل الشك وإن مدوا هم الأيادي يريدون تطبيعا للعلاقات وانهاء الخلافات، ولكن هل ستسمح إسرائيل بذلك؟!

هل من مصلحتها أن تلتئم قوة الأمة الإسلامية، بسنتها و شيعتها ضد الصهاينة؟!

بالطبع درب من الخيال أن تسمح إسرائيل بذلك فهي من برعت في استخدام المقولة الدارجة فرق تسد، فكيف سيكون البقاء لها لو اجتمعت مصر والسعودية وتركيا وإيران في علاقات تطبيعية واحدة..

وقتها ستختلط الخطط و ستتلف مجهودات صهيونية لسنوات مضت في محاولة الوقيعة والفتنة باسم السنة والشيعة لتفرقة المسلمين أولا والعرب ثانياً عن تلك البوصلة الحقيقة وهي الحق في الأرض والعودة التي من أجلها ومن أجلها فقط كانت تتحرك الجيوش العربية فيما مضى

منذ سنوات مضت

زرعت إسرائيل في داخل رؤوس بعض القيادات الحمساوية حلم الخلافة و حق الرئاسة، بعد أن كانت في البدايات كل أملها هو تحرير الأرض وعودة النازحين واللاجئين

فتبددت الفكرة مع الوقت لتبدأ مطامع السلطة ويبدأ الاقتتال والخصومة بين حماس وفتح ليتجلى أي تيار اختارت بعض القيادات الحمساوية أتباعه منذ بدايات الربيع العربي في 2011 ، وليتغير الحلم من تحرير الأرض الفلسطينية إلى مؤازرة جماعة الإخوان في مصر وسوريا وتونس، هنا تاهت البوصلة الحمساوية والتي كان معها خلق عداوات عربية كبيرة

جعلت من دول الخليج تعتبرها العدو اللدود بل وصل الأمر إلى أن إيران التي كانت تمد الحركة بالسلاح تقف وجها لوجه لقتالها وقتال من يتبعها من إخوان مسلمين في سوريا جبهة لجبهة ! بل كان قتال الحوثي ضد القاعدة لسنوات طويلة في اليمن !

ذهبت أماني الإخوان في الربيع العربي أدراج الرياح في مصر وتونس والجزائر، ليواجه المنطقة هذا المشروع الإبراهيمي الخبيث الذي كان يجري على قدم وساق للتطبيع العربي مع إسرائيل ليصل إلى عتبات السعودية التي كانت تناقشه بحذر فجاء السابع من أكتوبر معرقلا الأماني الإسرائيلية..

 

بعد السابع من أكتوبر وخروج السنوار إلى العلن باعتباره مهندس العملية وقائدها

توحدت الجبهات المقاومة تحت مسمى إسناد غزة تبخرت كل الخطط القديمة في الخلافة وعاد الحلم الأصلي للمقاومة و عودة الأرض المحتلة،عودة الحق لأصحاب الحق

لذا لم يكن غريباً أن ترفض إيران خالد مشعل خلفا لإسماعيل هنية لقيادة حماس

فكان هذا التوافق على الشهيد يحيى السنوار، الذي على الأقل لم يفقد بوصلته وحلمه الفلسطيني لأهله وشعبه حتى آخر رمق و نفس لفظه في حياته قبل استشهاده.

خالد كامل

موقع حرف 24 الإلكتروني الإخباري يهتم بالشأن المصري والعربي يركز على القضايا الاجتماعية ويلتزم المهنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى