سلايدرمقالات

كيف جاب بن بطوطة ديار الإسلام وهو الشاب الفقير؟

بقلم – سيد حامد

في يوم الخميس، الثاني من رجب عام 725 هجرياً (القرن الرابع عشر الميلادي)، بدأ أبو عبد الله محمد بن عبد الله، المشهور باسم ابن بطوطة، رحلته العجيبة التي جاب فيها ديار الإسلام، يدفعه إليها تشوقه إلى رؤية الدنيا والناس، فقطع المسافة من المحيط الأطلسي غرباً إلى الهادي شرقاً، ومن حوض الفولجا وبحر قزوين وبلاد البلغار والترك شمالاً إلى أفريقيا جنوباً، ليُقدر ما قطعه ما يزيد على 75 ألف ميل في تقدير، و120 ألف ميل في تقدير آخر.

كيف أدّى ابن بطوطة رحلته العجيبة، التي دامت نحو 25 عاماً ولم يكن بالثري، ولم يكن بتاجر يبيع ويشتري؟! كيف فعلها وقد خرج من بلده طنجة وليس معه إلا بضعة دنانير، ومع ذلك لم يشك العوز أو الضائقة المالية يوماً واحداً؟!
لقد تكفلت الأمة بتكاليف رحلته، وتولت شئونه الحياتية، بفضل ترابط أبنائها وتآخيهم، فلم يشعر ابن بطوطة يوماً أنه غريب في مكان ما بديار الإسلام، يجد في كل مكان يحل به من يؤويه ويقدم له الطعام والشراب والكساء، ويزوده بالمال، وأحياناً بالخيل.

على طول رحلته، كان ابن بطوطة ينزل في الزوايا والتكايا والمدارس والرُّبُط المنتشرة في جميع ديار الإسلام، وفيها يجد رجال الخير، والطعام الوفير، والماء العذب، والمأوى الوثير، وفي أحيان كثيرة كان القائمون على أمر تلك الزوايا يعطون ابن السبيل شيئاً من المال والكسوة يعينه على استكمال رحلته.

الزوايا والتكايا والمدارس والربط شيّدها أبناء الأمة الخيرون، لإيواء وإطعام وكسوة عابري السبيل والفقراء والمحتاجين، لتقدم نموذجاً فريداً من العمل الخيري المُمتد، الذي لا يرتبط بحياة صاحبه، وإنما يعيش من بعده قروناً تلو القرون، بفضل فلسفة الوقف الإسلامي.

أمّا معالجة الأدواء والحصول على الدواء فسهل ميسور، من خلال البيمارستانات (المشافي) التي شيّدها الأمراء والملوك والسلاطين في شتى ديار الإسلام، وقد أوقفوا عليها الأوقاف العظيمة. من هذه المشافي الجليلة بيمارستان قلاوون، وقد شيده السلطان المملوكي المنصور سيف الدين قلاوون (ت 689 هـ) (في شارع المعز حالياً)، وقد زاره ابن بطوطة وقال، إنه «يُعجِز الواصف عن محاسنه، وقد أعُد فيه من المرافق والأدوية ما لا يحصر».

أقدم أبناء أمة الإسلام على إكرام الضيف وابن السبيل، ليس تفضلاً، وإنما تنفيذاً واتباعاً للهدي النبوي الذي يقول «منْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»، والهدي القرآني الذي يوصي بابن السبيل.

Eslam kamal

موقع حرف 24 الإلكتروني الإخباري يهتم بالشأن المصري والعربي يركز على القضايا الاجتماعية ويلتزم المهنية
زر الذهاب إلى الأعلى