سلايدرمحافظاتمقالات

دكتور صابر حارص يكتب: التيجاني و أبو خليل في ميزان الشرع الإسلامي بين الابتداع و الاتباع

 

 

الشبهات التي تحيط بالمشايخ والعلماء أمر معقد يعجزني عن الكتابة، فإن كان اتهامهم باطلا فقد اغتبت عالما في عرضه، وإن كان اتهامهم حقيقة، فإن تعزيرهم واجب، ليرتدع العامة إذا رأوا أن الكل في ميزان الشرع الإسلامي الحنيف في المحاسبة سواء..

 

ولكن دون تعمد تتبع عوراتهم، أو التربص بهم لأغراض إما أن تكون سياسية أو أيديولوجية ممجوجة..

و إن كان الهدف هو استقامة المجتمع، فليس أحد أحرص على ذلك من الله تعالى ثم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً..

حيث صح عنه صلوات ربي وسلامه عليه في الحديث النبوي:

(..فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته).

وحديث آخر: إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم، وحديث ثالث: من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ومن فضح مسلما فضحه الله يوم القيامة.

و ليعلم الجميع أن هدف الشرفاء دائماً في أي مجتمع واحد و هو بتر الفساد و إشاعة الأخلاق الحميدة

 

و أما إن كان عالما مبتدعا يجاهر بالمعاصي، فهو عالم فاسد تجوز غيبته وكشفه اتقاء لشره وضرره، ولذا فإن ما يتعلق بجانب التحرش الذي أثارته السوشيال ميديا على الشيخ صلاح التيجاني لا ينبغي أن نسايره ونسير مع القطيع فيه، لأنه إن كان صحيحا فهو نشر للفاحشة، وإن كان باطلا فقد بات له مظلمة عند كل من لاكته ألسنتهم بسيء القول و قبيح الاتهام.

والقرآن يعتبر أن الذين يتناقلون الفضائح كالذين فعلوها بالضبط، حيث قال تعالى في سورة النور:

“إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”

 

والإمام أبو حنيفة قال إن مرتكب الفاحشة لا يستنطق، لأن في استنطاقه إشاعة للفاحشة

 

 

أما الأمر الذي يجب أن نهتم له فهو الابتداع الذي صدر عن هؤلاء الأدعياء، صلاح التيجاني، و صالح أبو خليل، أو غيرهم من غلاة الصوفية؛ حيث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند التيجاني ليس مخلوقا، ولكنه نور الله الذاتي، سماه الله باسمه، فسماه محمودا والله هو المحمود، و وصفه بالرؤوف الرحيم، والرؤوف الرحيم هو الله، والرسول حي لا يموت، وهو كلام يضلل الناس ويبعدهم عن صحيح عقيدة التوحيد الخالص ، و قد يروق البعض منهم من العوام، لأنه يرفع من مكانة و قدر نبيهم، مستغلا حبهم له

 

و صالح أبو خليل يترك بجواره كرسيا خاليا حتى ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقعد عليه أثناء دروسه، وهو أمر على ما فيه من الغواية و التضليل الذي لم يأت به أحد من الأولين و الآخرين، إلا أنه يعلي من شأن الشيخ أمام جلاسه من العوام و الجهلاء، و يشعر مريديه بالفخر، فيجد الكلام طريقا سريعا إلى عواطفهم الكاذبة البعيدة عن الحق

 

هذه البدع والمغالاة وغيرها من التخاريف والهلاوس التي يحسبها غلاة الصوفية تجليات في حب رسول الله، تمثل خطرا بالغا على الدين والمجتمع و تخدر عقول الناس وتعزلهم عن الدين الصحيح الذي يعلي من شأن الإنتاج والتوحيد الخالص لله رب العالمين.

 

و للعلم، فإنه ليس في الإسلام معتقدات المسيحيين في عيسى بن مريم عليه السلام، ولا معتقدات اليهود في عزير، ورسول الله بنص القرآن مات وصلوا عليه، وهو بشر مخلوق كان يمشي في الأسواق ويتزوج النساء، ولا يجوز أن تأخذك الحمية و العاطفة الكاذبة في حب النبي وتهزي بأنه جزء من الله، فهذا كفر محض، لأنه تدمير لفكرة التوحيد الخالص التي تميز الإسلام عن غيره من الديانات

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:

إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، والله سبحانه وتعالى يقول في صدر سورة فصلت :

“قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ۗ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ”.

 

و إني لأرى غرابة شديدة في أمر المصريين، الذين أقاموا الدنيا و لم يقعدوها على كلمة( وحشتيني وأنا مشتاق) التي أخرجتها خديجة خالد من جهازها بعد تسع سنوات، و هو أمر ليس بالمقصود الحقيقي في بناء الوعي الجمعي لدى الناس، لكنه لمقصد أراه غير سليم النوايا، وتركوا تشويه الإسلام بخرافات وهلاوس صلاح التيجاني وصالح أبو خليل وغيرهم.

 

و لا يمكن أن أغسل كلا من  صلاح وصالح و أبرئهم من هذه المواقف البدعية السريعة، كما لا يمكنني ترك تراثهم المعرفي دون تشريح لإيصال الرسالة المنشودة من المقال، و هي الوقوف على الحق و إظهار الباطل و الإخبار عن المتربصين بنا و بالدين، و أنا هنا أهيب بإدارة الهيئة العامة للكتاب أن تحقق في مواد الكتب المعرفية التي ترد إليها للنشر عن طريق تشكيل لجنة مختصة في أي من المجالات العلمية أو المعرفية و بخاصة ما يتعلق بالنشر في و عن الدين الإسلامي الحنيف ، حيث إن الكاتب إذا نشر مغلوطا و انتشر بين الناس، فقد عمت به البلوى من تشكيل وعي زائف لا يرجى خيره و لا يؤمن شره..

حيث نشرت لأحدهم عددا من الكتب المهمة في التفسير والحديث والفقه، و تجب مراجعتها جميعا على يد لجنة متخصصة من الأزهر الشريف و إصدار تقريز علمي بها و بشطحات صاحبها فيها، و على الهيئة ألا تخجل من ذلك إن وجدت ما يدعو إلى الاعتذار إلى الناس، فإن العلم رحم بين أهله..

و ذلك الدعي الأفاق الآخر صالح أبو خليل، فإن الناس من بلدي طهطا يسافرون إلى الزقازيق وهم مؤمنون بكراماته وتقواه، و هو من ذلك بعيد بعد المشرقين ، فبئس القرين.

و تنتشر الطريقة الخليلية في القرى والنجوع، كما يتسرب الماء تحت التبن.

لذا فإن الأمر بحاجة ماسة إلى مراجعة القضاء والأزهر الشريف ملف غلاة الصوفية ومشايخهم، وبالأزهر جناحان قادران على ذلك بكفاءة وهما هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية

 

إن التخاريف المتداولة لغلاة الصوفية لا يمكن السكوت عليها، فهي شأنها شأن المتاجرة بالدين على يد عيسى والبحيري وشلتهم من أنصاف المتعلمين في علوم الدين، فقط قراءة و جدال، كما أن المتاجرة بالدين تطرف وتشدد، شأنه شأن الجماعات الإرهابية، يتطلب تدخلا عاجلا من كافة مؤسسات الدولة المعنية بالأمر وليس الأزهر الشريف فحسب…

فحيا الله الأزهر الشريف و شيخه و علمائه العدول الثقات، فعنهم و عن مثلهم يؤخذ العلم غضا..

خالد كامل

موقع حرف 24 الإلكتروني الإخباري يهتم بالشأن المصري والعربي يركز على القضايا الاجتماعية ويلتزم المهنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى