أخبارثقافة وفنسلايدرمقالات

منة شلبي و ليلى علوي .. تكريمات مستحقة في أماكن خاطئة

 

 

أمنية طلعت

في شهر يوليو الماضي قام القائمون على مهرجان دواير الثقافي، الذي نظمه وأطلقه كل من مكتبة ديوان ومكتبة تنمية، بتكريم الممثلة منة شلبي، وحالياً مع الاستعداد لانطلاق الدورة 30 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي أعلن الأجلاء من أساتذة المسرح المصري و رواد التجريب المسرحي ممثلين بشكل رئيسي في الدكتور سامح مهران رئيس المهرجان، اتفاق اللجنة العليا على اختيار عدد من الأسماء لتكريمها في حفل الافتتاح كما هو متبع ضمن تقاليد المهرجان.

ولم تكن مفاجأة بالنسبة لنا تكريم أسماء كبيرة أفنت روحها من أجل تطوير المسرح في مصر مثل خالد جلال وناصر عبد المنعم وحازم شبل، ولكن المفاجأة التي أثارت دهشة الجميع وربما انزعاجهم هو اختيار الممثلة الكبيرة ليلى علوي لتكريمها في مهرجان دولي للتجريب المسرحي، وعندما سألت الدكتور سامح مهران خلال مؤتمر المهرجان الذي أقيم بالمجلس الأعلى للثقافة، عن حيثيات اختيار ممثلة سينما وتليفزيون لم تقدم للمسرح سوى بضع مسرحيات تجارية؟

أجابني بأنها فنانة كبيرة وأعطت كثيراً للفن في مصر بشكل عام، وعندما اعترضت على الإجابة واصفة إيها بالإجابة غير المنطقية، قال هذا هو ما عنده والتفت برأسه في اتجاه آخر، فبادرني مدير المسرح القومي وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية ومدير المهرجان الدكتور أيمن الشيوي بأنها تُشكل عنصر جذب للمهرجان وهو عنصر جذب واحد فقط لا غير، مبتسماً وهو يقول “اعتبريها كريم شانتيه المهرجان”.

في الحقيقة أنا أحب منة شلبي وليلى علوي كاثنتين من أهم الممثلات المصريات على مدار تاريخ السينما والتلفزيون، ولكن لا علاقة لمنة بالثقافة والمثقفين ولا علاقة لليلى بالمسرح الجاد والمسرح التجريبي، ومجرد استخدامهما كعنصري جذب أو كريم شانتيه، فهذا إفلاس حقيقي من أهل الثقافة والمسرح الجاد في مصر، بل هو شعور بالدونية كأن تُعلن أنك مناضل من أجل المهمشين ثم تذهب لتأكل على موائد أبو هشيمة وتحمل حقيبة عمرو دياب، مع الاحترام الشديد لكل منهما في مكانه، ولكن لا يمكنك الاستعانة بفيفي عبده في البحث عن حلول لأزمة النشر في مصر مثلاً؟ خاصة وأن هناك أدباء وكُتاباً يمكنهما مناقشة هذه القضية، ولا يمكنك الاستعانة بصفية العمري لتقديم ورقة بحثية في اتجاهات المسرح الحديث؟!

السؤال هنا هو: هل يمكن أن نطبق مفهوم ترندات مواقع التواصل الاجتماعي على ما تبقى من قيم لدينا في مصر؟ هل نستسلم ونترك لهم ما تبقى من عناصر بناء ليسطحوها مثلما تسطح كل شئ في حياتنا؟ هل نترك أزمة الدولار تنسحب لتقضي على مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي أصبح عريقاً وراسخاً ضمن المهرجانات الرصينة الدولية لأن أزمة الدولار لم تسمح لمنظمي المهرجان باستقدام فرق مسرحية دولية كافية؟! أو استضافة أسماء مسرحية دولية لامعة لتكريمها بدلاً من ليلى علوي؟

إن ما نشهده من استسلام المثقفين لآليات التريند وأساليب جذب الجمهور الأشبه بنظام “قرررب قررب، تعالى اتفرج” مثل الموالد واللمبة التي تُشعلها الغازية على رأسها وصدرها، ومهرجانات السجادة الحمراء وجيبونة الفنانة التي طارت وجُرأة الفنانة التي أذهلت الجميع واستدعاء المؤثرين الذين يرقصون طوال الوقت ويهزون كروشهم، والبامية التي دوخت الجميع على التيك توك، هو في حد ذاته إفلاس وضعف هؤلاء المثقفين الذين لم يعد لديهم شيئاً يبيعونه ويجذبون به الجمهور الحقيقي المُستهدف، وتكوين أجيال جديدة من الجمهور والمتابعين. إن اللهاث وراء الترندات والسعي للحصول على اللقطة في حين لا يُهم المحتوى الذي يقبع خلف هذه اللقطة، أصبح أمراً مشيناً ومعيباً ولا يخرج إلا ممن لم يعد لديه شئ ليقدمه.

أيها السادة الأفاضل، إن كان جرابكم قد خلى من أي بضاعة ذات قيمة، فاستقيلوا وتنحوا عن المناصب الثقافية والفنية الجادة يرحمكم الله.

Eslam kamal

موقع حرف 24 الإلكتروني الإخباري يهتم بالشأن المصري والعربي يركز على القضايا الاجتماعية ويلتزم المهنية
زر الذهاب إلى الأعلى