“بعبدا” مقر الرئيس اللبناني..قصر يبحث عن سيده
تحليل يكتبه ماهر مقلد:
يزور لبنان الأسبوع المقبل الموفد الرئاسي الفرنسي الوزير السابق جان إيف لودريان، للمرة الثانية هذا العام لإجراء حوار مع القوى اللبنانية حول أزمة انتخاب رئيس للبلاد و هي الأزمة الممتدة منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر من العام الماضى، حيث فشل مجلس النواب على مدى 13 جلسة عقدها لانتخاب الرئيس فى المهمة و أصبح لبنان في النهاية بدون رئيس للجمهورية طوال هذه الشهور، و بات قصر بعبدا مقر إقامة الرئيس ينتظر سيده .
هناك اهتمام كبير بزيارة المبعوث الفرنسي داخل لبنان على خلفية أن فرنسا تولي اهتماما كبيراً بالشأن اللبناني و لديها علاقات دولية مؤثرة يمكن من خلالها تنسيق الجهود لضمان الحد الأدنى من التوافق الداخلي على اسم رئيس جديد، هذه الصورة تبدو المثالية فى مقاربة الأمر، غير أن الوضع على الأرض هو وجود خلاف عميق بين اللبنانيين على اسم الرئيس، فحزب الله وحركة أمل يدعمان المرشح سليمان فرنجية رئيس تيار المردة، في الوقت الذى تتمسك فيه بقية الأطراف بالمرشح الدكتور جهاد أزعور، و الذي شغل من قبل منصب وزير المالية .
معلوم أن الرئيس اللبناني يجب أن يكون من أبناء الطائفة المارونية، و في هذا الصراع متسع بين قيادات الطائفة المارونية على الأسماء،
فيما أكد سمير جعجع رئيس (حزب القوات اللبنانية) رفضه دعم فرنجية.
من جهته، قال سمير جعجع في تصريح خاص لماهر مقلد مستشار عام التحرير لموقع” حرف 24″: ” نحن لسنا بصدد إقامة علاقات اجتماعية أو علاقات شخصية، و بالتالي نحكم على الأشياء من هذا المنطلق، هم فى الفريق الأخر منذ 60 سنة، حتى انتهوا الآن إلى تأسيس ( 8 آذار) الرافض لاستقرار و سيادة لبنان على أرضه، مضيفاً أن أي مرشح ينتمي إلى محور الممانعة لن نقبل به، لأن التجربة تبرهن إلى أين وصلنا معهم، و لا يمكن تكرار التجربة من جديد بصرف النظر عن اسم الشخص، فمحور الممانعة هذه هي طبيعته وهذه هي استراتيجيته و هذا مشروعه السياسي و هكذا يتصرف، و لعل أوضح مثال ما كان في أحداث 2019، فقد كانت السلطة بكاملها في يد محور الممانعة، من منصب رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء و رئيس المجلس النيابي، و لم يفعل أي شىء، و الآن لو انتخبنا رئيساً من محور الممانعة سيكون انتخابنا له لتمديد الأزمة التى نحن فيها”.
من هنا يتحدث البعض عن ضرورة أن تطرح المبادرة الفرنسية ترشيحا ثالثا يبتعد عن هذا الصراع و يكون حلا وسطا تقبل به الأطراف المختلفة و يسهل مهمة انتخاب الرئيس، و هو أمر لم يتم تأكيده بعد، و هذا طبيعى جدا كون الدولة الفرنسية لا تتدخل فى الأسماء و إنما تسعى من أجل المساعدة في الحلول .
لا أحد يستطيع الجزم بالتوقيت الذي يمكن أن يستغرقه لبنان قبل أن ينجح في انتخاب رئيس الجمهورية و كم عدد الجلسات التي قد يعقدها المجلس النيابي من أجل انتخابه، التجارب السابقة ظل فيها لبنان دون رئيس لمدة عامين مع الوضع في الاعتبار أن هذه المرة هناك ملفات غاية في الأهمية مفتوحة، منها ملف تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان و تعيين قائد للجيش و هي ملفات مهمة جدا.
انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية قد يبدو في نظر البعض شأن داخلي يخص المواطن اللبناني، و هذا هو الطبيعي، لكن الحالة اللبنانية تختلف حيث يشتبك لبنان مع القوى الإقليمية التي تتدخل في التفاصيل من خلال التأثير على حلفاء الداخل و هذا ليس سرا في الداخل أو غير معلوم و إنما هو حديث في وسائل الإعلام و المنتديات و داخل أروقة المجلس النيابي.
و الحقيقة هي أن سيناريو زيارة المبعوث الفرنسي ستنحصر في عقد لقاء موسع مع القيادات اللبنانية، و اللقاء سيكون تحريك المياه الراكدة ليس إلا.